ريح الأرض الطيبة

الاثنين، 27 سبتمبر 2010 في 9:34 م

اليوم، كانت ثالث مرة، .. ثالث نظرة لي لأراضي فلسطين المُحتلة، .. أولها، في يومنا الأول بالأردن، في مدينة العقبة، حيث تشاهد مدينة إيلات بكل مدنيتها بعينك المجردة!!!!

ناطحات السحاب الثابتة، التنظيم والترتيب في المدينة، الشاطئ الجميل، التقاء طبيعيتي البحر والجبل، وعبّارات البحار الضخمة المتراصية أمام المرسى، في أمان !

.. ثانيها، في منطقة أم قيس، عند بحيرة طبريا، ومدينة طبريا المحتلة، كان أحد شواطئ البحيرة في الأصل لسوريّا، وباقي الشواطئ والبحيرة لفلسطين العظيمة، لكن بعد الإحتلال، أصبحت البحيرة وشاطئها من الجهة الأردنية تحت تصرف الحكومة الإسرائيلية!

منظر البحيرة الجميل، الخلاّب، مدينة طبريا على الشاطئ الآخر من البحيرة، .. والمزارع على الشاطئ .. بترتيبها، وتنظيمها، .. كما لو أنها لوحة بيد فنان رُسمت! .. ونهر اليرموك الصغير ... يفصل بين إحدى المزارع ، .. ومزرعة أردنية أخرى .. الفنّ والجمال والنماء، أمام العشوائية، والفقر، والبساطة الشديدة، ..

اليوم، .. عند البحر الميت، كانت الشمس في الأفق .. عند فلسطين المحتلة، لم أرى أي تفاصيل جيدًا، .. لكن كان يكفي الإحساس بروحها، .. روح الأرض الطيبة، .. المُحتلة!

الأردن، بجمال أرضها، .. يُفترض أن بها من الأنهار الكثير، .. لكن كُل ما رأيته لم يزد عن أودية جافة! تعاني البلد من مشكلة مع المياه، .. هي دولة فقيرة، وقد كان ذلك واضحًا، جدًا .. في شوارعها ومُدنها، في مقابلة مع الملكة رانيا، قالت أن الدولة تعتمد كثيرًا على السياحة، كمورد للدخل، ..

لمن لا يعرف، بما في الأردن من آثار رومانية وكنائس، ومدينة البتراء، .. يعتقد المسيحيون أن الأردن هي "الأرض المقدسة" والتي ستقام فيها حرب في آخر الزمان، .. كمسلمين، نعلم ان الأرض هي فلسطين، حرب النصر والفتح، .. لكن من هذا، من يتوقع السياح المُعتادون في الأردن ؟

لم أشاهد جنسيات كثيرة، لكن على أي حال، كان المسلمون قلة، ندرة، وكخدمة للسياح، لابد من توفير سبل الراحة لهم، .. لذا لا تهتم لعد عدد الكنائس الحالية هناك، ولا عدد محلات بيع الخمر والمشروبات الروحية بانواعها، والبيرة في الميني ماركت مع العصير!

بماذا يُفترض أن أشعر ؟ .. بالذل ؟ بالاحتقار ؟ بالامتهان ؟ بالكُره الشديد ؟ بالغيظ ؟ .. بماذا ؟!

لستُ هُنا لأقارن أو أتحدث عن "الأردن وفلسطين وإسرائيل" .. إلخ، .. لكني أتحدث عن "المسلمين" !، ..

أضعت حبل أفكاري!! .. تمامًا !! .. لا أعرفُ ماذا أقول، كيف أعبر، كيف أصف!

لكن أن تكون بهذا القرب ، والبعد في الوقت ذاته، ليس بأمرٍ هينٍ ، .. هُناك منطقة ما هُنا في الأردن، حيث تستطيع مشاهدة مدينة القدس والمسجد الأقصى - إذا معاك منظار، مكبر، إلخ - ..

وفعليًا ما عادت فلسطين، .. صارت إسرائيل! .. نحن نطلق عليها اسم "فلسطين المُحتلة" كدلالة على العزة، والاقتناع بإمكانية استرجاعها، وأنهم لم ينتصروا بعد، ولم يفوزوا بها، .. لكن ما عاد للكلمة معناها الحقيقي فعلًا، فنحن نُرددها لاعتيادنا عليها لا أكثر!

عندما كُنا نشاهد بحيرة طبريا، كان والدي يتحدث عن الخيانات العربية، وأن " كُل هذا لم يقم بين يوم وليلة، وأن اسرائيل قامت بفضل ضعف العرب والحكام .. إلخ" لم أستطع أن أسمع شيئًا مما قال، .. لم أستطيع أن أبقى بجانبهم، .. أؤمن وأعلم أن الكثير من "مصائب الدول" بسبب تخطيط يهودي، صهيوني .. إلخ، كما أعلم تمام العلم، أن حالنا كأمة إسلامية، ما وصل إلى هذا المستوى العالي من "الروعة الشديدة" إلا بأفعالنا!

يُقال البركة في الشباب! .. حسنًا، أين الشباب الآن ؟ في المقاهي ؟ قهوة، شاي، شيشة، دخان، بلوت، كورة، تيلفزون، .. في الأسواق، والشوارع، تفحيط، استعراض سيارات، جري ورا بنات، معاكسات، .. في البيت، نت، ألعاب، شات، معاكسات، محرمات، وزنا!!

وإن وجدت أناسًا " ذوي عقل وفكر " .. فلا تفرح كثيرًا، .. فلا يوجد من يوجه، وكثيرٌ منهم من ضاع في دهاليز التفكير البعيد، علمانية، إنكار، تشدد، تسيب، .. وأمور عجيبة لم يكتب لي الله العلم بها والحمدُ لله!

حتى أفضل الناس يقع، ويُساوى كاسوئهم، .. ما عدتُ أعلمُ في رأي مين أثق ؟ .. رأيي لا يكفيني، أحتاجُ إلى رأي آخر يساندني، .. لكن لا يوجد! .. الآن فقط، علمتُ الفعلي لـ " طوبى للغرباء" .. فكلما كَبرُ الإنسان، سيكتشفُ ندرة هؤلاه للء الغرباء أكثر وأكثر! .. كثيرًا ما أشكُ في نفسي، .. في طريقة نظرتي للأمور، فهل أنا "وسطية" حقًا ؟

أخخ! .. حتى الكُتب، .. لا أعلم أيها اقرأ وأيها لا اقرأ! .. من اسأل ؟ ..

خلق الله للإنسان فطرةَ جُبل عليها، هي الحق، وهي الأصل، .. وأروع مافي الحياة أن يعود أو يكون على فطرتهِ! .. اللهم ييسر لنا ابصار الحق يا رب،

حتى قلب الإنسان وروحهُ ما عادا صادقين! ما عادا أصيلين! .. ما عادا يدلانه على ما هو صحيح وحقيقي! .. كُل شيء صار مشكوكًا في أمره، حتى ما كان "قاعدةً" في السابق! .. التغيير جميل، لكن لابد من وجود أصل، وبديل، يتوهني التفكير في مثل هذه الأمور! أشعر أني أنا نفسي لا أفهم ما في ذاتي وما أكتب!!!

يا رب، .. يا رب، .. ييسر لي الحق حيثما كان وأبصرني إياه، وجهني يا رب للخير، ثبت قلبي وعقلي، وروحي على الصراط المستقيم يارب، .. أرزقني الهدى، أهدني يارب، وأنر لي الحقيقة يا رب العالمين، يا علي يا قدير، يارب، يارب، يارب ..


....

كُنت في الأردن عند كتابتي ونشري لما سبق، ولسبب ما، لا يريد جهاز أمي أن انشرها هُنا!

على أي حال، ها نحنُ في بيتنا أخيرًا، .. ومن جهازي الحبيب، أُعيد نشرها في مكانها الصحيح، هي ورفيقتها الوحيدة القادمة =)


0 التعليقات

إرسال تعليق

شاركوني بحديثكم، .. فكُل شيء يحلو بالتكامل، وللنقاش جماله !