بسم الله الرحمن الرحيمِ، والصلاة والسلام ، على أشرف الأنبياء والمرسلينَ ، سيدِنا محمدٌ خيرَ الآنامِ ، وعلى آلهِ وصحبهِ مسكُ السلامِ ،
أتى دينُنَا الإسلاميُ الحِنيفُ داعيًا إلى التوسطِ والعِذلِ في كُلِ شيءٍ من أمورِ حَياتِنا، فلا يُقدمُ أمرًا دُنيويًا على آخر ، مما قد يؤثرُ سَلبًا على أمورٍ أخرى أكثرَ أهميةٍ ، .. كموضوعِ الدراسةِ لدى الأهلِ ، فستجدُ في موضوعِ عدمِ الوسطيةِ نوعينِ من العَائلاتِ ، فإحداهما تحثُ أبناءها المُشاكسينَ والمُهملين على الدراسة ، وتحاولُ ترغيبهم فيها بالجوائز والمحفزات ، وعندما ينجحُ ابنهم بتقديرِ "جيدٍ "، أو "جيدٍ جدًا "، تَجدُهم يفرحون بهِ وىُسعدونَ أيما سعادةٍ ، ويغرقونهِ بأنواعِ الهِدايا التي يِريدُها ، فقد نَجَحَ !
أما العائلة الأُخرى ، فهي كذلك تحثُ أبناءها على النجاحِ والتفوقِ ، وتثقُ في ذكاءِ أبناءها ، وتميزهم ، وتُعيدُ تكرارَ الوصايا بالمركز الأول ، ونسبة 100% !
وأتى يومُ النتائجِ أخيرًا ، ليعود الأبناء فَرِحينَ ، فقد نجحوا بتقديرِ امتيازٍ عالٍ ، وتَوَجُوا جهودهم بنسبتي 99% و98.86% ، فصُدم الوالدان! فقد تراجعَ مستوى أبناءهم عن العامِ الماضي ! وتلقى الأبناءُ عِتابًا لتراجع مُستواهم الدراسي ، وطُرح خيارُ سحبِ آخر الهِدايا التي حِصلوا عليها ! يدفعُنا هذا التناقض الكبير ، وعدم العدلِ إلى التفكيرِ في الأسباب وراء الأفعالِ ، فما الذي يدفعُ الوالدينِ إلى الضغط على أبناءهما ليكونا في القمةِ دراسيًا ، فليستِ الدراسةُ كُلَ شيءٍ في هذه الحياةِ !
شخصيًا أُعاني من هذه المُشكلة ، عائلتي تمثل الفئة الثانية من المُبالغات ، في الصفِ الأول الثانوي ، في الفصلِ الأولِ ، عانيتُ من متاعبَ نفسيةٍ لا حصر لها أيام الامتحانات النهائية ، وبسبب كوني أدرسُ ضمنَ نظامٍ مُطورٍ ، فلا أدرسُ غير 7 موادٍ في الترمِ ، مما يؤثر كثيرًا عند نقصِ الدرجاتِ في النسبةِ ، نقصي لم يزد عن 8 درجات ، فكانت نسبتي 98.86% ، ويبدو أني خيبتُ الآمال بهذه النسبة ، ففي الصف الثاث المتوسط كانت نسبتي 99% ، !
لم أحب هذه النسبة أنا ذاتي ، تمنيتُ نسبةً أعلى، وحزنتُ حينها ، لكن زاد ردُ فعل أهلي إحساسي بالحُزنِ والسوءِ ، تعلمتُ في حياتي أن لا أدع دراستي هي محورها ، هي مُهمةٌ ومن الأولوياتِ ، لكنها ليست محور حياتي بأكملها ، فهناك الكثير من الأمورِ المُهمة التي يجبُ على الإنسان الإهتمامُ بها ، كثيرًا ما أتعارض مع والدايّ بسبب هذا الأمرِ ، لستُ من النوعِ المُحبِ للتنسكِ وقت الامتحاناتِ ، ولا أحبُ أن أخذَ وقتًا طويلًا في المذاكرةِ ، لكن في الوقتِ ذاتهِ ، لا أقبلُ أن تنزل نسبتي عن 98%، وإن ساء الأمرُ كثيرًا 95% كحدٍ أقصى والحمدُ للهِ ! لكن كُلُ هذا لا يعجبُ والدايّ ، رُبما الأمرُ يتعلقُ بأحلامِ الوالدين لأبناءهما ، فأغلبُ العوائلِ ترغبُ في رؤيةِ أبناءها ناجيحنَ كأطباء ومهندسينَ ومحامينَ .. إلخَ !
دونما تفكيرٍ برغبةِ الأبناء أنفسهم ، ويتشتتُ الأبناءُ بينَ رغباتهمِ الخاصةِ ، ورغباتِ والديهم ، ورغبتهم هم شخصيًا في جعلِ والديهم يفخرونَ بهم! .. وعند البعضِ رُبما لا تزالُ فكرة أن كلَ ما يقولهُ الوالدينِ صحيحٌ ، وهو الأفضلُ لنا، حتى فيما يتعلقُ بالتخصصِ الذي سيدرسهُ هو لا والديهِ، والفتاة التي سيتجوزها هوَ لا والديهِ ، .. وهُنا تحديدًا ، يأتي مبدأ الوسطية التي حث عليها الإسلام من ألفٍ وخمسمئة عامٍ .. فالاختياراتُ المصيرية ، إن لم يكن الابنُ واعيًا ومتفهمًا لما يريدُ وكيف يحصلُ على ما يريدُ ، يُعاونهُ الوالدان حتى "يعرف، ويفهم " ولا يقومان بالاختيارِ واتخاذ القرار بدلًا منهُ ! فهذا أكبرُ خطأ يقومُ بهِ الأهلُ معتقدين إنه في مصلحةِ ابنهم ، لكنه يؤثر على شخصيته وتحمله للمسؤوليةِ أيما تأثيرٍ !
شخصيًا، حاولتُ مرارًا مُحاورة والدايّ في هذا الموضوعِ ، عليّ أصلُ إلى حلً وسطٍ معهما ، لكن مع الأسف لم نصل إلى وسطيةٍ حتى الآنَ ، قالَ لي أحدهم أن هذه سنةُ الحياةِ ، رؤى الأهلِ تختلفُ عن رؤى الأبناءِ باختلافِ الاتجاهات الفكرية ، والشخصيات الإنسانية ، ورُبما كان مُحقًا !
شخصيًا، حاولتُ مرارًا مُحاورة والدايّ في هذا الموضوعِ ، عليّ أصلُ إلى حلً وسطٍ معهما ، لكن مع الأسف لم نصل إلى وسطيةٍ حتى الآنَ ، قالَ لي أحدهم أن هذه سنةُ الحياةِ ، رؤى الأهلِ تختلفُ عن رؤى الأبناءِ باختلافِ الاتجاهات الفكرية ، والشخصيات الإنسانية ، ورُبما كان مُحقًا !
لذا يبقى الأمرُ مُعلقًا دونَ حلٍ .. لماذا لا نستطيعُ أن نجدَ شيئًا أسطوريًا كعصى هاري بوتر ، أو جاندالف الرمادي ، تغير لنا مثلَ هذه الأمورِ التي تحتاجُ إلى سنواتٍ وسنواتٍ .. في ثوانٍ معدوداتٍ ؟!
انتهى ..
بقلم : أروى عدنان شفي
بقلم : أروى عدنان شفي