العَــاشِـقُ الْـمَجْــنُـوْنُ !

الخميس، 22 أكتوبر 2009 في 5:17 م


تحت سماءِ القريةِ الصافيةِ ، طُيورُ البُلبلِ الصدّاحِ تُغردُ ، ومن حولها الفراشُ والنحلُ على الزهرُ يحطُ لثوانٍ تكفي لاهتزازِ بُتيلاتِ الزهرِ ، ثمّ تُحلقُ ثانيةً مع هَبِّ النَسيمِ ، وفي ميدانِ تلكَ القريةِ الصغيرةِ ، تجمعتِ الفتياتُ والأطفالُ حولِ ينبوعِ الماءِ ، يملئنّ جِرارهنّ ، ويلعبُ الأطفالُ بالقطراتِ ، يتناثرونها ..

وبين كُل ذلكَ ، كانَ هُو !
ذاكَ الفتى ، مرحًا ، يمشي قفزًا ! يلعبُ مع هذا الطفلِ وذاكَ ، ينثرُ القَطراتِ على هذهِ الصغيرةِ ، ويُقبّلُ جبينَ تلكَ ، كانَ أطفالُ القريةِ ينتظرونَ قدومهُ بلهفةٍ كُل نهارٍ ،

على طرفِ الينبوعِ ، إحدى الفتياتُ تهمسُ لرفيقتها من تَحِتِ خِمارها قائلةً :
- أرأيتِ ذاك الفتى ؟

تنظرُ رفيقتها تجاهـهُ ، وهي تعقدُ يديها :
- ذاك الفتى المرحُ تقصدين ؟ .. يبدو مليحًا !

- حمقاء! ألا تعلمين من هو ؟ .. إنه ذاك الفتى الذي تتحدثُ عنهُ القريةُ بأكملها سرًا !

- أتقصدين الشاب العاشق ؟!
نطقت رفيقتُها بالكلمةِ شاهقةً، وهي تكملُ :
- لكن لا يبدو ذلكَ في طلتهِ على الإطلاقِ ، إنه يبدُو .. " بريئًا " !

- المظاهرُ خدّاعة، ألا تذكرين ؟! إنه هو بذاته ، العاشق المجنون!

* .. * .. * .. * .. * .. * .. *


صوتُ المِفتاحِ في القُفلِ ، يُفتحُ الباب ليطلَ الفتى ذاتهُ ، وهو يبتسمُ قائلًا :
- أهلًا حبيبتي ، ها قد عُدتُ لكِ! .. أأشتقتِ إليّ كما اشتقتُ لكِ ؟ حسنًا ، لم أشتق لكِ فقط ، بل بدونكِ ما كُنتُ لأقفَ أمامكِ هاهُنا !
ابتسم مرةً أخرى ، ثم تحولت ابتسامتهُ إلى ضحكةٍ عاليةٍ وهو يقتربُ منها ويقولُ :
- ها قد أتى موعدكِ يا معشوقتي الصغيرة، معذرةً على التأخيرِ ، لكن تعلمينَ أني لا أحبُ الالتزام بموعدٍ مُحددٍ!

خَطى خُطوتين أُخريين إلى الأمامِ ، وذاتُ الابتسامةِ .. لم تزل " منحوتةًً " !

* .. * .. * .. * .. * .. *

فِي طريقِ عودةِ الفتاتينِ إلى بيتهما ، تُحدثُ إحداهما الأُخرى :
- لم تُخبريني ، ما قصةُ العاشق المجنونِ ؟
- ألا تعلمين ما هي ؟ ألم يُخبركِ والديكِ ؟
- لا ، لم يفعلا ! فقط قالا لي أن أبتعدَ عنهُ إذا رأيتهُ !

تتنهدُ الفتاةُ الأُخرى قبل أن تُجيبً قائلةً :
- هذا الفتى ، واقعٌ في الحُبِ!، هو يعشقُ للنُخاعِ! لم يرَ أحدٌ معشوقتهُ يومًا ، لكن جميعُ أهلِ القريةٍ يلحظونَ عليهٍ تغييرًا جذريًا بعدما يدخلُ كوخهُ في جانب القريةِ المقصيّ ، ففي الصبحُ ، يكون كئيبًا ، وحزينًا ، يدخلُ الظهرَ إلى بيتهِ ، ليخرجَ في العصرِ شابًا مرحًا ، يُحب الحياةَ ويستمتعُ بها! ، على الرغمُ من أنه لا يلقى عشيقتهُ أكثرَ من مرةٍ واحدةٍ في اليومٍ ، إلا أن تأثيرها يبقى حتى خلودهِ إلى النومِ ، كما أنهُ مُخلصٌ لها ، فهو لا يُسبب الضيق لفتيات القرية مثل غيرهِ ، بل يُعاملهنّ بكلِ احترامٍ ، ولهذا السببِ يكرهـهُ رِجالُ القريةِ وفتيانُها !

ضحكت رفيقتها في خفوتٍ وهي تقولُ :
- يا لها من قصة حُبٍ! كم هي محظوظةٌ هذه الحبيبةِ !

* .. * .. * .. * .. * .. *


ضحكةٌ عاليةٌ تخرجُ من فاهِ فتى الكوخِ ، وهو يُمسكَ بوجهـهِ أمام المرآةِ ، ثمّ سكونٌ ! بعينين ناريتينِ ينظرُ إلى وجههِ ويُدققَ النظر ..
- أحقًا هذا ما آلَ إليهِ الحالُ ؟! .. ياللمهزلةِ !!

يُدير وجهه ويبتعدُ ، يجلسُ على طرفِ السريرِ ، يضعُ رأسهُ بين يديهِ ويهمسُ :
- ألسنة أهل القرية ، ألن تتوقف يومًا ؟! ألن يتركوني في سلامٍ يومًا ؟! .. تبًا ، لا أحتملُ كُل هذه الترهاتِ!

شدّ نفسهُ واقفًا في عصبيةٍ ، ووقعت عيناهُ عليها ، عشيقتهُ الصغيرة! .. أظهر أسنانهُ في قوةٍ فيما يشبهُ الإبتسامَ ! ثم أدار وجههُ بعيدًا ، أقتربَ من النافذةِ وهو يختلسُ النظراتِ ، ذاتُ المنظرِ المشئوم ! كم أكرهـهُ ! عاد بنظرهِ إلى صغيرتهِ .

عقدَ حاجبيهِ في قوةٍ وهو يقولُ :
- قد حانَ وقتكِ أيا حبيبة ؟ ألم تحنّي لِلُقيايَ ؟!

أقترب وعلى وجهه ملامحُ العاشق الولهانِ ، فتحَ الجرةَ في قوةٍ ، وهو يُلقي نظرةً على الصُررِ الصغيرةِ التي ملأتِ الجَرةِ ، أمسك بُصرتينِ وهو يقولُ :
- لابدَ لي من مُضاعفةِ الجُرعة ، علّها تُفيد !

توجهُ إلى رُكنِ الكوخِ ، وبيده الأخرى كأسُ ماءٍ ، جلسَ القُرفصاءَ ، وهو يُقربها من فمهِ ويُداعبها بين شفتيهِ في تلذذٍ! هِي فقط من تُعطيهَ ذاك الإحساسُ! أبتلعَ ما في الكأسِ مرةً واحدةً ، ثمّ أخذ يضحكُ في قوةٍ ، وهو يصرخُ فرحًا :
- ها أنتِ يا حُلوتي ، فلتأخذي بيدي بعيدًا ، بعيدًا جدًا! فما عُدتُ أرغبُ في البقاءِ هُنا، ليسَ بعد الآنَ .

ضحكاتٌ عاليةٌ ، أرهبت العصافير المُغردة! ، مُندفعةٍ بشعورٍ " الرُعبِ " ، أطلقت أجنحتها في قوةٍ لتندفعَ نحو السماءِ .. مُحلقةً !


أروى عدنان شفي
4:21 صباحًا ،
الأحد ، 9 رمضان ، 1430 هـ
30 أغسطس 2009،

إهداء خاص ، لأخي الأكبر الدُبي
هو يعني، إهداء من نوع خاص، لأن هو البطل، وصاحب الفكرة، ومعدّل السيناريو، هع :P

رُوحُ السَجادِ الأخْضَرِ ، بِجِوارِهِ !

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009 في 10:37 ص


لم يتبقَ إلا خمسُ خُطواتٍ لأصلُ ..
ثلاثٌ ، فاثنتين! .. خُطوةٌ واحدةٌ مُتبقيةٌ ، .. ووطأتُ بقدمي .. السَجادةَ الخضراءَ !
يا الله! .. أأنا حقًا هُنا ؟!
أأقفُ بجانبِ قَبرهِ .. حيثُ دُفنَ منذُ أكثرَ من ألفِ وأربعُ مئةِ عامٍ ؟!!
أنا أترنحُ .. قلبي يهتز .. يا إلهي، أحقًا هو هُنا ، وأنا هُنا ؟!
أأستطيعُ أن أحبهُ .. ولم أره، ولا أعرفُ عنهُ أكثرَ مما ذُكر ؟ ..
آهٍ! كم أتمنى لو أستطيع رؤيتهُ .. الحديث معه، أريدُ أن تقر عيني برؤياهُ يا إلهي، ثوانٍ فقط .. أفديها بكلُ عمري ، أريدُ فقط أن أراهُ ، .. لأقولُ لهُ أنني أحبهُ ، وأحاولُ أن أحبهُ دائمًا .. لأخبرهُ بأني في أشدِ الحاجةِ إليهِ ، .. لأطلبَ منهُ أن يدعو لي بالثباتِ ، وبجوارهِ رباهُ ،
هي ثوانٍ يا ربي ، ثوانٍ .. ستُغيرُ مجرى حياتي للأبد ،
هو فقط بشريٌ ، لكنهُ ليس من أهلِ الأرضِ ! ، روحهُ وقلبهُ ، طهرتهما لهُ يا الله ، طهرتهما من كُل دنسٍ ، ليرتفع فوق جميعِ البشرِ ، لا مثيلُ لهُ بين الأنسِ ولا الجِنِ !
ارتبطنا بهِ وارتبطَ بنا ، وواللهِ إني لأخجلُ من هذه الرابطةِ .. فهو أطهر من أن يُدنس ، بأفعالِ وأقوالِ أُمتهِ ،
لهو أطهرُ وأرفعُ ، من أن لا يُحب ، ولا يُتبع ! لكن ما نقولُ ربنا ؟!
ما اتبعنا سُنتهُ ، ولا اتخذنا من دينهَ .. حياةً لنعيشها ! .. أخطأنا ، وجميعنا أخطأنا ، أخطاءً أكبر من مدِ البصرِ ، وقطراتِ ماءِ البحرِ ،
لكننا سنظلُ بشرًا يا الله، بشرًا .. أنت خلقتنا ، وأنت الأعلمُ بنا ، وبحالنا ،
يا رب ! .. طهرّ قُلوبنا ، وثبتها على طريقِ الحقِ المُستقيمِ يا رب العالمين ،
إلهي .. أرحمنا ، وانصرنا .. ولا تُعذبنا ، بما فعل السُفهاءُ منا ،
إلهي ، أنت العفو الكريمِ ، فاعفوا عنا ، وأعز بنا الإسلام والمُسلمين ،
إلهي .. لا زلتُ لا أصدقُ أني هُنا بجوارهِ! أحقًا ما يُبعدني عنهُ هو بضعُ خطواتٍ ؟! بضعُ جُدرانٍ ؟!! فقط ؟!!
صلى الله وسلم عليكَ يا رسول الله ،، صلى الله وسلم عليكَ يا أطهر البشرِ ، يا خير الرسلُ والأنبياءِ أجمعينَ ،
قُلتَ قبل مِئاتِ السنينِ ، أن المكانَ ما بين بيتكَ ومِنبركَ ، هو روضةٌ ، من رياضِ الجنةِ على الأرضِ !
أتيتكَ زائرةً يا رسولَ اللهِ ، أتيتكَ .. علّي املأ قلبي ، وروحي ، بُحبكَ أكثر، وأكثر .. عسى أن أستطيعَ تقديركَ حق قدركَ يا رسولَ اللهِ ،
خَجلةٌ من حالي وحالُ أمتي ، أكادُ لا أجرؤ على الحديثِ من فرطِ إحساسي بالذُلِ والضعفِ .. لكن ما بيدي الكثيرَ لأفعلهُ يا رسول اللهِ ، هو ليس عذرًا .. وما كان يومًا بعذرٍ ، لكنها لحظاتُ ضُعفِ الإنسانِ ،
لقدُ أتيتُ .. لأعطيكَ وعدًا يا رسولَ اللهِ ، أتيتَ لأعدكَ بأني في يومٍ ما .. سآتيكَ لأقولَ لكَ مُبتسمةً .. لقد عملتُ ما علي يا رسولَ اللهِ ، لقدَ حاولتُ وحاولتُ ، ودفعتُ حياتي ، من أجلِ أُمتكَ التي أحببتَ ، ودينكَ الذي بهِ أُرسلت ،
قد لا أقدرُ على إعطاءِ الكثيرِ ، لكني بالتأكيدِ .. قادرةٌ على العَطاءِ .. حتى الموت !



، .. ، .. { ~


You came to me in that hour of need
When I was so lost, so lonely
You came to me took my breath away
Showed me the right way, the way to lead
You filled my heart with Love
Showed me the light above
Now all I want Is to be with you
Need you more than ever, Ya Rasul ALLAH


You come to me, by sami yusuf.. here