سابعُ البَتلاتِ ..! سلسلتي أنا وبرفيسوري ،، طَاْئِرَتِيْ الْوَرَقِيْةِ ..،

الاثنين، 28 يوليو 2008 في 10:28 م


أنا وبروفيسوري ،، طائرتي الورقية ..،


في ذلك الصباح لم أستطع تناول قهوتي ،، بل لم أستطع إعدادها من البداية ، فقد أفقت من نومي في ساعة متأخرة ، وسأتأخر عن العمل إن لم أُسرع ، ولهذا لم يكن هناك متسع لتناول الإفطار ، أول صباحٍ بلا قهوتي !

ذهبت إلى مكان ركن سيارتي المعتاد مُهرولةً ، جلست في مقعدِ السائقِ وأنا أدعو الله أن لا أصادف ما يحول دون وصولي في الموعد المحدد ،

في ذلك الصباح البديع وبين ظلال تلك الشجيرات ، كانت سيارتي تتهادى على طريق الحي الرئيسي ..

وفجأة ، رأيت أمرًا أجبرني على الوقوف في منتصف الطريق ،، طفلٌ صغيرٌ يمسك بِبَكرةِ حبلٍ وهو يجري محاولًا اللقاء بطائرته الورقية التي كانت تطير مبتعدة ..

ومضاتٌ لذكرياتٌ ظهرت في عقلي .. لأعود بذاكرتي إلى ذلك اليوم ..

حين دخل بروفيسوري علي ليراني أصنع طائرتي الوردية في غرفتي ، اقترب مني بهدوئه المعتاد وهو يتساءل :

- ما الذي تصنعينه يا صغيرتي ؟

وضعتُ آخر لمساتي الفضية على طائرتي قبل أن أجيبه قائلةً :

- أنا أصنع طائرتي الورقية يا جدي ، فقد رأين أبناء جارنا اليوم يلعبون بها ..،

فأمسك بها وهو يقربها منه قائلًا :

- هل تعلمين كيفية اللعب بها ؟

- لا يا جدي ، ولكني سأتعلم .

أجبته وأنا أحاول أخذ طائرتي منه ، فابتسم وهو يعيدها إلي ويقول :

- إذا ما رأيك لو قمت بتعليمكِ أنا يا صغيرتي ؟

فأجبته بدهشةٍ فرحةٍ :

- أحقًا أستاذ ؟

- نعم حقًا يا صغيرتي .. ويمكنك أن تقولي أنه درسكِ الأول !

فهتفتُ وأنا أكادُ أقفز من الفرحةِ :

- أنا موافقة ، بالطبع موافقة .

فابتسم وأخذ الطائرة بيده اليسرى وهو يمسك يدي بيمناه ، قادني إلى سطح المنزل ، المكان الذي لا أكاد أذكره ..

أخذ بكرة الخيط مني وقام بربط الخيط بالطائرة الورقية بقوةٍ مثبتًا إياه لئلا نفقد الطائرة .. قام بروفيسوري بإعطائي طائرتي الورقية لأقوم بأولى تجاربي في محاولةٍ لجعلها تطيرُ .. كنت أمسك بها وأركض من بداية السطح إلى طرقه الآخر ،، كان أستاذي في البداية يبتسمُ ، ثم أخذت ابتسامته تتحول إلى ضحكةٍ شيئًا فشيئًا وهو يتابع محاولاتي الفاشلة ، الواحدة تلو الأُخرى ..

ثم اقترب مني أخيرًا وهو يبتسمُ ابتسامتهُ الحنون ، بصمتِ قام بأخذ الطائرة الورقية مني واقترب من سور السطح ، وهو يتأكد من سلامة الطائرة ، عندما هبت نسمة رقيقة .. قام جدي برمي الطائرة ومدِ الحبل ، ولدهشتي أخذت الطائرة ترتفع .. رويدًا ، رويدًا ،

إلى أن أصبحت تُرى كالنقطةِ الصغيرةِ .. اقتربت من بروفيسوري العبقري وأنا أهتف :

- جدي ، أنتَ بارعٌ جدًا في اللعب بالطائراتِ الورقيةِ !

فابتسم جدي وهو يقول :

- لا يتعلق الأمر بالبراعةِ عزيزتي ، بل يتعلق بالمعرفةِ والخبرةِ ،، فأنا أعلم أن الطائرات الورقية تحتاج إلى بعضِ النسماتِ لكي تطير ، وخبرتي تخبرني أنه حال هبوب النسيمِ علي ترك الطائرة وإعطائها حريتها كي تطير ، خذيه كدرسٍ أولي ، افهميهِ وطبقيهِ في حياتكِ صغيرتي ، المعرفةُ والخبرة ، من أهم الأمور التي يحتاج إليها الإنسان ليصل إلى النجاح .

تنبهتُ من ومضاتِ ذكرياتي ، لأترجل من السيارة مُسرعةُ لكي أرى ما الذي حل بالطفلِ لأجده يُمسكُ بطائرتهِ وهو فرحٌ مسرورٌ ، لأن تخربيها لم يتم ..

انحنيت وطبعتُ قُبلةً على جبينه وأنا أحمله بين يدي وأسلمه لوالدته التي حملته وهي تبدو أشبه بالحمامة من فرحتها ،

عدت إلى سيارتي وأنا أتذكر طائرتي الورقية الوردية اللون !

لا بد أنها الآن بمكانٍ ما ، في بيتنا القديم ،، ومن يدري من يمتلكها الآن .. !

مضيت وعلى وجهي ابتسامةٌ بدوري ، فجميع الذكريات رائعةٌ .. جميعها ..،

إكليل الجبل

الأربعاء

01 : 00 a.m